وأصل الحسبة الشرعية شيئان : أحدهما اللطف والرفق , والبداءة بالوعظ علي سبيل اللين , لا علي سبيل العنف والترفع , فإن ذلك يؤكد داعية النفس , ويحمل العاصي علي المناكرة والإيذاء وإذا كان الواعظ فظا سيء الخلق لاسبيل له لحمقه علي دفع المناكرة يغضب لنفسه ويترك الإنكار لله عز وجل , ويشتغل بشفاء غليله من الموعوظ , فيصبر بذلك عاصيا جاء في الخبر " لايأمر بالمعروف ولا ينهي عن المنكر إلا رفيق فيما يأمر به , رفيق فيما ينهي به حكيم فيما يأمر به , حكيم فيما ينهي عنه " وبلغنا أن أحد الوعاظ وعظ المأمون العباسي رحمه الله , وأغلظ عليه وعنفه فقال : يارجل إرفق , فقد بعث الله من هو خير منك إلي من هو شر مني , فأمره بالرفق فيه بقوله تعالي : (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ( طه 44 )
" أي سادة " أقول لكم : من الله علي فتخلقت بما أمرتكم به وحثتكم عليه ولكن من البر أن لا تطلبو هذا الشرط من واعظ وناصح ولا نظفروا الشيطان بكم بهذه الخصلة فتقولوا : لا نأمر بالمعروف حتي نعمل به كله ولا ننهي عن المنكر حتي نجتنبه كله إن هذا يؤدي إلي حسم باب الحسبة فمن ذا الذي يعصم من المعاصي ؟ مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كله وانهوا عن المنكر وإن لم تجتنبوه كله كذا أمرنا نبينا عليه أكرم وأفضل صلاة الله وسلامه وأقول لكم : مفتاح السعادة الأبدية الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم في جميع مصادره وموارده , وهيئته وأكله وشربه وقعوده , وقيامه ونومه وكلامه , حتي يصح لكم الاتباع المطلق بلغنا عن بعض الأئمة أنه ما أكل البطيخ لانه لم ينقل له كيف أكله رسول الله صلي الله عليه وسلم وسها بعضهم فابتدأ في لبس الخف باليسري فكفر عن ذلك بشيء من الحنطة وإياكم أن تقولوا : هذه الخصال من الأمور التي تتعلق بالعادات فتهملوها , فإن إهمالها يغلق بابا عظيما من أبواب السعادة وأما العبادات , فلا أعرف لعدم اتباعه عليه الصلاة والسلام فيها من عذر إلا أن يحصل ذلك من كفر خفي , أو حمق جلي حمانا الله وإياكم
" أي سادة " والله ما أظن أن علي بساط الغبراء صاحب عقل يميز فيه بين الخبيث والطيب إلا ويعتقد قلبه ويذعن لبه أن العبادة التي شرعها الحبيب عليه أفضل صلاة الله وسلامه , والعادة التي كان عليها هي الحالة المرضية عند الرب والخلق , وهي الآداب المقبولة عند الخالق , والمحبوبة عند المخلوقين وبها يطمئن القلب , ويسكن الروع أي فرق لا يدركه العقل من حال المخمور والصاحي , ومن حال السارق والأمين , ومن حال الكاذب والصادق , ومن حال الزاني والعفيف , ومن حال المتكبر و المتواضع ,ومن حال البخيل والسخي , ومن حال الظالم والعادل , ومن حال المبطل والمحق , ومن حال المغتاب والبريء , ومن حال القادر والرحيم , ومن حال العابد والنائم , ومن حال الغافل والمتفكر , ومن حال الفاجر والبر , ومن حال الكافر والمؤمن ؟ إن في ذلك لآيات لأولي الألباب الله الله بالمتابعة المحضة لهذا الرسول العظيم , الذي جاء رحمة للعالمين , وحجة علي المخلوقين , ونعمة للموحدين إياكم ونسيان الموت فإنه ينتج من الغفلة , وهي من قله ذكر الله , وذلك من قلة الإيمان , وأم ذلك الجهل , وهو من الضلال جاء في بعض الكتب الإلهية : أن الحق تعالت ذاته يقول : يا ابن آدم : بعافيتي قويت علي طاعتي وبتوفيقي أديت فريضتي وبرزقي قويت علي معصيتي وبمشيءتي تشاء ما تشاء لنفسك وبنعمتي قمت وقعدت ورجعت وفي كنفي أمسيت وأصبحت وفي فضلي عشت وفي نعمتي تقلبت , وبعافيتي تجملت تنساني وتذكر غيري , ولم تؤد شكري يا ابن آدم : الموت يكشف أسرارك والقيامة تتلو أخبارك والعذاب يهتك أستارك إذا أذنبت ذنبا صغيرا فلا تنظر إلي صغره , ولكن انظر إلي من عصيت وإذا رزقت رزقا قليلا فلا تنظر إلي قلته , ولكن انظر إلي من رزقك ولا تحقر الذنب الصغير , فإنك لا تدري بأي ذنب عصيتني ولا تأمن مكري , فإن مكري أخفي عليك من دبيب النملة علي الصخرة في الليلة المظلمة يا ابن آدم , هل عصيتني فذكرت غضبي فانتهيت ؟ وهل أديت فريضتي كما أمرتك ؟ وهل واسيت المساكين من مالك ؟ وهل أحسنت إلي من أساء إليك ؟ وهل غفرت لمن ظلمك ؟ وهل وصلت من قطعك ؟ وهل أنصفت من خانك ؟ وهل كلمت من هجرك ؟ وهل أدبت ولدك ؟ وهل أرضيت جيرانك ؟ وهل سألت العلماء عن أمر دينك ودنياك ؟ فإني لا أنظر معاشر الآدمين إلي صوركم ,ولا إلي محاسنكم وأحسابكم وأنسابكم ولكن أنظر إلي قلوبكم , وأرضي بهذه الخصال عنكم
" أي سادة " هذه أمور تنكشف يوم القيامة , يوم التغابن , يوم الحاقة , يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذروة يوم الطامة , يوم الصيحة , يوم تشيب الولدان , يوم الزلزلة , يوم القارعة , يوم ينسف الجبال , يوم لا تملك نفس لنفس شيأ والأمر يومئذ لله
"أي سادة " جالسوا العلماء والعرفاء فإن للمجالسة أسرارا تقلب الجلاس من حال إلي حال ورد في السنة " من جلس مع ثمانية أصناف زادة الله ثمانية أشياء ( من كلام بعض السلف ولا يصح مرفوعا ) من جلس مع الأمراء زاده الله الكبر وقساوة القلب ومن جلس مع الأغنياء زاده الله الحرص في الدنيا وما فيها ومن جلس مع الفقراء زاده الله الرضا بما قسمه الله تعالي ومن جلس مع الصبيان زاده الله اللهو واللعب ومن جلس مع النساء زاده الله الجهل والشهوة ومن جلس مع الصالحين زاده الله الرغبة في الطاعة ومن جلس مع العلماء زاده الله العلم والورع ومن جلس مع الفساق زاده الله الذنب وتسويف التوبة " وورد أيضا : الصحبة مع العاقل زيادة في الدين والدنيا والآخرة والصحبة مع الأحمق نقصان في الدين والدنيا وحسرة وندامة عند الموت , وخسارة في الآخرة " أي سادة " ثلاثة لهم شفاعة – العالم – ولخادم – والفقير الصابر
"أي سادة " خذوا كل وارد غيبي وحادث سماوي بالبشر والرحب وكونوا راضين عن الله قوموا بقضاء حوائج خلق الله ما استطعتم فإن من قضي لأخيه المؤمن حاجة في الدنيا قضي الله له سبعين حاجة في الآخرة ارحمو عزيز قوم ذل , وغني قوم افتقر أكثروا من الصدقة , فإن الله يرفع بسببها البلاء أكرموا الضيفان , فإن ذلك كان من عبادته صلي الله عليه وسلم قبل أن يكلف خالقوا الناس بخلق حسن , فإن الخلق الحسن أفضل الأعمال يقال إذا لم تسمع الناس بمالك فسع الناس بخلقك " رواه المستغفرى في المسلسلات وابن عساكر عن الحسن بن علي ( كتاب كشف الخفا ) " أحسن الحسن الخلق الحسن " يبلغ صاحب الخلق الحسن رتبة الصائم القائم وهو علي فراشة نائم , لأن ذلك بعد المفروضات أفضل ما يتقرب به إلي الله تعالي إيش تنفع عبادتك وأنت مشمئز ؟ كأنك تمن بها علي الله يامسيكين إن الله غني عن العالمين إذا عبدت الله فاعبد الله عاكفا علي بابه , واقعا علي أعتابه , خاضعا لسلطنته , مقشعرا من هيبته , معترفا بعجزك عن أداء واجباته , متجردا من رؤية نفسك وعملك وغير ذلك , قارعا باب عزته وجلاله بأكف ذلك واحتقارك , وحينئذ يرجي لك القبول طهر لسانك من لوث الكلام فيما لا يعنيك كي يرفع كلامك إلي حظيرة قدسه , إلي الحضرة السماوية العرشية التي جعلها جهة الطلب , كما جعل الكعبة في الأرض جهة العبودية (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ( فاطر 10 ) إلي الجهة التي صرف إليها همه خلقه , إلي محل تنزلات أمره , ليأتيك أمره وكرمه ولطفه من العلو , فتخضع دونه وتراك حقيرا سافلا والأسرار القرآنية واضحة المفاد بهذا المعني قال تعالي (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( الذاريات 22 ) وقال تعالت أسماؤه (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا(2)وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ( الطلاق 2,3 ) كن حاذقا
" أي ولدي " إذا سمعت كلام أهل الحضرة فإنه ظاهر غامض تكلم سيد أهل الحكمة والبيان وأفصح نوع الإنسان صلي الله عليه وسلم بجوامع الكلم , فأوجز وأفصح , وأوضح وأغمض , وهكذا , وراثه وأتباعه لا تحرد مني يا أخي كل ماحام حول فكرك من رؤيا نفسك , ومالك وحسبك ونسبك , وعلمك وبلدك وزوجك وولدك وعملك وفتحك وكرامتك ومزيتك , فهو خاطر إن قابلته بالخضوع والذل والحمد والشكر والمسكنة انقلب فتحا وإن قابلته بالعزة والكبر والاستعلاء والغفلة انقلب قبحا ووسواسا وقطيعة فتدارك نفسك , وأصلح شأنك إذا انقطعت عن عبادة سيدك تبكي عليك الأرض التي عبدت الله عليها , وكأنها توددا إليك , وأسفا عليك , تقول قول القائل :
وكنت أظن أن جبال رضوي تزول وأن ودك لايزول
ولكن القلوب لها انقلاب وحالات ابن آدم تستحيل
فإذا كانت الأرض تحت عليك , وتود سوق الخير إليك , فكيف بلك ؟ هذا الشأن أولي لك وأنت لو فقهت أولي به " بلغني " عن بعض إخواننا رجال العر أنه يقول :
عقدت بباب الدير عقدة زناري وقلت خذو الي من فقيه الحمي ثاري
يريد بذلك معاني
الإثنين ديسمبر 01, 2014 6:10 am من طرف عبدالقـــادر
» ارخص اسعار الحج السياحى طيران من مصر مع سلطانة تورز 2014
السبت يونيو 07, 2014 3:59 am من طرف احمد تركى
» فك السحر فك العمل فك المس علاج المس فلاج قراني للسحر
الخميس ديسمبر 26, 2013 11:00 am من طرف انا فيروز
» بشـــــــــــــــــــرى لكـــــــل ربــه منزل وسيده اخيــــــــرا
الإثنين ديسمبر 02, 2013 12:47 pm من طرف انا فيروز
» الهي ادعوك وارجوك فما من اله غيرك يدعى فيرجى فيجيب الا انت يا الله
الأحد أكتوبر 21, 2012 1:05 am من طرف amho2005
» عيد الاضحىالمبارك اعاده الله علينا وعليكموعلى كل من قال لااله الا الله محمد رسول الله بكل الخير والسلام
السبت أكتوبر 13, 2012 8:08 am من طرف سلطان العاشقين
» يسرنا نحن مكتب أبراج مكة للعمرة والزيارة أن نقدم خدماتنا لزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة وأداء مناسك العمرة . وخدماتنا متمثلة في :
الخميس يونيو 28, 2012 2:50 am من طرف سلطان العاشقين
» عجبت لابن ادم كيف لايسال مولاه في كل حال فيما يريد 00 ويسال الخلق الحلول
الثلاثاء يونيو 26, 2012 11:49 am من طرف سلطان العاشقين
» الحب الحب لله والحب بالله 0 والحب لكل ماخلق الله 0 الحب طريق الايمان
الأربعاء مايو 30, 2012 1:47 am من طرف سلطان العاشقين