من وجود السنن إلا من رواية الآحاد " أهـ .
أحاديث نزول عيسى متواترة
هذا كله على فرض أن أخبار نزوله أخبار آحاد ، فكيف وقد نص العلماء على تواترها ، وفي مقدمتهم إمام المفسرين الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره (5/451) عند تفسير آية آل عمران حيث قال : بعد أن ذكر الخلاف في معنى وفاة عيسى : " وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قولُ من قال : " معنى ذلك : إني قابضك من الأرض ورافعك إليّ " ، لتواتر الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال " ، ثم ساق بعض الأحاديث الواردة في نزوله .
وممن نص على التواتر أيضاً الإمام ابن كثير رحمه الله عند تفسير آية الزخرف ( 4/167) فقال رحمه الله : " وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماماً عادلاً وحكماً مقسطاً " ، ثم ذكر أكثر من ثمانية عشر حديثاً يضيق المقام بذكرها .
وقال في تفسير آية النساء ( 1/768) : " فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رواية أبي هريرة و ابن مسعود و عثمان بن أبي العاص ، و أبي أمامة و النواس بن سمعان و عبد الله بن عمرو بن العاص ، و مجمع بن جارية ، و أبي سريحة ،و حذيفة بن أسيد رضي الله عنهم ، وفيها دلالة على صفة نزوله ، ومكانه من أنه بالشام ، بل بدمشق عند المنارة الشرقية ، وأن ذلك يكون عند إقامة صلاة الصبح ، وقد بنيت في هذه الأعصار في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة منارة للجامع الأموي بيضاء ، من حجارة منحوتة عوضاً عن المنارة التي هدمت بسبب الحريق المنسوب إلى صنيع النصارى . . . . . وقويت الظنون أنها هي التي ينزل عليها المسيح عيسى بن مريم عليه السلام . . . إلخ .
وممن نص على التواتر الشوكاني رحمه الله في كتاب له بعنوان : " التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح " ، وكذلك الكتاني رحمه الله في كتابه : " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " ، و صديق حسن خان في كتابه " الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة " ، والشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند ، و الغماري في كتابه " عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام "، و الألباني في تعليقه على شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز .
وممن جمع الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام الشيخ محمد أنور شاه الكشميري (ت1352هـ) في كتابه : " التصريح بما تواتر في نزول المسيح ، حيث ذكر أكثر من سبعين حديثاً .
إذاً فأحاديث نزوله عليه السلام في آخر الزمان ثابتة بالتواتر المعنوي ، ولو كانت آحاداً لكان واجباً علينا التسليم بها ، والإيمان بمضمونها ، فكيف وقد ثبتت بالتواتر .
دعوى الاضطراب
وأما الزعم بأنها أحاديث مضطربة في متونها ، منكرة في معانيها فهي دعوى غير صحيحة لأن تلك الروايات كلها متفقة على الإخبار بنزول عيسى وأنه يقتل الدجال والخنزير ، ويكسر الصليب . . . . . . . إلخ ، وغاية ما في الأمر أن بعضاً منها يفصل ذلك ، وآخر يجمله ، وبعضاً يوجز وآخر يطنب ، كطريقة القرآن حين يورد القصة الواحدة في سور متعددة ، بأساليب مختلفة ، يزيد بعضها على بعض ، بحيث لا يمكن جمع أطراف القصة إلا بقراءة كل السور التي ذكرت فيها .
فجعل هذا الاختلاف الذي يقوي شأن الحديث ، ويدل على تعدد مخارجه ، من باب التعارض الموجب للاضطراب خطأ بين ، وعلى فرض وجود هذا التعارض فإن الجمع بين هذه الأحاديث بما ينفي عنها صفة الاضطراب غير متعذر ، هذا لو قلنا بوجود التعارض فيما بينها .
دعوى عدم الإحكام
وأما الزعم بأنها ليست محكمة الدلالة ، ومن أجل ذلك أولها العلماء فهو زعم باطل لا أساس له من الصحة ، بل هو تحريف وتبديل للنصوص الثابتة الصريحة من غير ما حجة ولا قرينة ، فقد نصت الأحاديث صراحة على نزوله عليه السلام بشخصه وصفته ، بين مهرودتين ، واضعاً يديه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ ، وأنه يدرك الدجال بباب لد فيقتله ، ويأتي قوماً قد عصمهم الله منه ، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ...إلخ حديث النواس بن سمعان ، ونصت على أنه يمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون كما في مسند أحمد بسند صحيح ، فهل يصح من عاقل يعرف اللغة ومفرداتها ، فضلاً عمن ينتسب إلى العلم أن يفسر ذلك بغلبة رسالته ، وتعاليمه التي تأمر بالرحمة والمحبة والسلم ، وتدعو إلى الأخذ بمقاصد الشريعة دون ظواهرها ، وهل يعقل أن يكون الذي يدفن ويصلي عليه المسلمون هي تعاليمه ورسالته .
هل هذا إلا من العبث والتلاعب والاستخفاف بالعقول الذي ينبغي أن ينزه عنه كلام العقلاء من البشر ، فضلاً عن كلام من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
يقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على المسند : " وقد لعب المجددون ، أو المجردون في عصرنا الذي نحيا فيه بهذه الأحاديث الدالة صراحة على نزول عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان ، قبل انقضاء الحياة الدنيا ، بالتأويل المنطوي على الإنكار تارة ، وبالإنكار الصريح أخرى ، ذلك أنهم في حقيقة أمرهم لا يؤمنون بالغيب أو لا يكادون يؤمنون ، وهي أحاديث متواترة المعنى في مجموعها ، يعلم مضمون ما فيها من الدين بالضرورة ، فلا يجديهم الإنكار ولا التأويل " .
من عقائد المسلمين
وإذا كانت نصوص الكتاب والسنة قد دلت على رفعه إلى السماء ، وأنه حي بروحه وجسده ، وأنه سينزل في آخر الزمان ، وانعقد الإجماع على ذلك ، فإنه يجب على كل مسلم أن يؤمن بما دلت عليه تلك النصوص ، وأن يعقد قلبه عليها ، لأن هذه المسألة من مسائل الإيمان بالغيب ، وإلا لما كان لذكرها أي فائدة ، ومن أجل ذلك ذكر أهل العلم نزول عيسى عليه السلام ، وقتله الدجال ، في عقيدة أهل السنة والجماعة .
قال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر بعد أن ذكر بعض العلامات : " وسائر علامات يوم القيامة على ما وردت به الأخبار الصحيحة حق كائن " .
قال الإمام أحمد رحمه الله : " أصول السنة عندنا : التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والاقتداء بهم وترك البدع ، وكل بدعة فهي ضلالة " ثم ذكر جملة من عقيدة أهل السنة ، فقال : " والإيمان أن المسيح الدجال خارج مكتوب بين عينيه (كافر) ، والأحاديث التي جاءت فيه والإيمان بأن ذلك كائن ، وأن عيسى ابن مريم عليه السلام ينزل فيقتله بباب لد " طبقات الحنابلة للقاضي أبي يعلى ( 1/241- 243) .
وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله في سرده لعقيدة أهل الحديث والسنة : " جملة ما عليه أهل الحديث وأهل السنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله ، وما رواه الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لا يردون من ذلك شيئاً . . . . . . إلى أن قال : ويصدقون بخروج الدجال ، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام يقتله " ، ثم قال في آخر كلامه : " وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول ، وإليه نذهب " ، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ( 1/345- 348) .
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي في " لمعة الاعتقاد " : " يجب الإيمان بكل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وصح به النقل عنه فيما شهدناه أو غاب عنا ، نعلم أنه حق وصدق ، سواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ، ولم نطلع على حقيقة معناه . . . . . ثم قال : " ومن ذلك أشراط الساعة مثل خروج الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام فيقتله ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها ، وأشباه ذلك مما صح به النقل " أهـ .
وقال الطحاوي في عقيدته المشهورة : " ونؤمن بأشراط الساعة من خروج الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام من السماء " ( شرح العقيدة الطحاوية 564) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " والمسيح - صلى الله عليه - وعلى سائر النبين لا بد أن ينزل إلى الأرض . . . . . . كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة ، ولهذا كان في السماء الثانية ، مع أنه أفضل من يوسف و إدريس و هارون ، لأنه يريد النزول إلى الأرض قبل يوم القيامة بخلاف غيره ، وآدم كان فى سماء الدنيا ، لأن نسم بنيه تعرض عليه " . ( مجموع الفتاوى ( 4/329) .
وقال القرطبي في التذكرة : " الإيمان بوجود الدجال وخروجه حق ، وهذا هو مذهب أهل السنة وعامة أهل الفقه والحديث " .
ونقل النووي عن القاضي عياض قوله : " ونزول عيسى وقتله الدجال حق وصحيح عند أهل السنة للأحاديث الصحيحة في ذلك ، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله فوجب إثباته " .
فالواجب على كل مسلم ، كمال التسليم للرسول - صلى الله عليه وسلم - والانقياد لأمره ، وتلقي خبره بالقبول والتصديق ، دون معارضته بعقل أو رأي ، وأن يوحِّد الرسول بالتحكيم والتسليم ، والانقياد والإذعان ، كما يوحد المرسِل بالعبادة والخضوع ، والذل والإنابة والتوكل ، وهذا هو مقتضى شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
______________
المراجع :
- موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية الأمين الصادق الأمين .
- دفاع عن السنة د.محمد أبو شهبة .
- الأنوار الكاشفة المعلمي .
- أشراط الساعة يوسف بن عبد الله الوابل .
- شبهات حول حديث الجساسة الدكتور سعد المرصفي .
أحاديث نزول عيسى متواترة
هذا كله على فرض أن أخبار نزوله أخبار آحاد ، فكيف وقد نص العلماء على تواترها ، وفي مقدمتهم إمام المفسرين الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره (5/451) عند تفسير آية آل عمران حيث قال : بعد أن ذكر الخلاف في معنى وفاة عيسى : " وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قولُ من قال : " معنى ذلك : إني قابضك من الأرض ورافعك إليّ " ، لتواتر الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال " ، ثم ساق بعض الأحاديث الواردة في نزوله .
وممن نص على التواتر أيضاً الإمام ابن كثير رحمه الله عند تفسير آية الزخرف ( 4/167) فقال رحمه الله : " وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماماً عادلاً وحكماً مقسطاً " ، ثم ذكر أكثر من ثمانية عشر حديثاً يضيق المقام بذكرها .
وقال في تفسير آية النساء ( 1/768) : " فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رواية أبي هريرة و ابن مسعود و عثمان بن أبي العاص ، و أبي أمامة و النواس بن سمعان و عبد الله بن عمرو بن العاص ، و مجمع بن جارية ، و أبي سريحة ،و حذيفة بن أسيد رضي الله عنهم ، وفيها دلالة على صفة نزوله ، ومكانه من أنه بالشام ، بل بدمشق عند المنارة الشرقية ، وأن ذلك يكون عند إقامة صلاة الصبح ، وقد بنيت في هذه الأعصار في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة منارة للجامع الأموي بيضاء ، من حجارة منحوتة عوضاً عن المنارة التي هدمت بسبب الحريق المنسوب إلى صنيع النصارى . . . . . وقويت الظنون أنها هي التي ينزل عليها المسيح عيسى بن مريم عليه السلام . . . إلخ .
وممن نص على التواتر الشوكاني رحمه الله في كتاب له بعنوان : " التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح " ، وكذلك الكتاني رحمه الله في كتابه : " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " ، و صديق حسن خان في كتابه " الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة " ، والشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند ، و الغماري في كتابه " عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام "، و الألباني في تعليقه على شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز .
وممن جمع الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام الشيخ محمد أنور شاه الكشميري (ت1352هـ) في كتابه : " التصريح بما تواتر في نزول المسيح ، حيث ذكر أكثر من سبعين حديثاً .
إذاً فأحاديث نزوله عليه السلام في آخر الزمان ثابتة بالتواتر المعنوي ، ولو كانت آحاداً لكان واجباً علينا التسليم بها ، والإيمان بمضمونها ، فكيف وقد ثبتت بالتواتر .
دعوى الاضطراب
وأما الزعم بأنها أحاديث مضطربة في متونها ، منكرة في معانيها فهي دعوى غير صحيحة لأن تلك الروايات كلها متفقة على الإخبار بنزول عيسى وأنه يقتل الدجال والخنزير ، ويكسر الصليب . . . . . . . إلخ ، وغاية ما في الأمر أن بعضاً منها يفصل ذلك ، وآخر يجمله ، وبعضاً يوجز وآخر يطنب ، كطريقة القرآن حين يورد القصة الواحدة في سور متعددة ، بأساليب مختلفة ، يزيد بعضها على بعض ، بحيث لا يمكن جمع أطراف القصة إلا بقراءة كل السور التي ذكرت فيها .
فجعل هذا الاختلاف الذي يقوي شأن الحديث ، ويدل على تعدد مخارجه ، من باب التعارض الموجب للاضطراب خطأ بين ، وعلى فرض وجود هذا التعارض فإن الجمع بين هذه الأحاديث بما ينفي عنها صفة الاضطراب غير متعذر ، هذا لو قلنا بوجود التعارض فيما بينها .
دعوى عدم الإحكام
وأما الزعم بأنها ليست محكمة الدلالة ، ومن أجل ذلك أولها العلماء فهو زعم باطل لا أساس له من الصحة ، بل هو تحريف وتبديل للنصوص الثابتة الصريحة من غير ما حجة ولا قرينة ، فقد نصت الأحاديث صراحة على نزوله عليه السلام بشخصه وصفته ، بين مهرودتين ، واضعاً يديه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ ، وأنه يدرك الدجال بباب لد فيقتله ، ويأتي قوماً قد عصمهم الله منه ، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ...إلخ حديث النواس بن سمعان ، ونصت على أنه يمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون كما في مسند أحمد بسند صحيح ، فهل يصح من عاقل يعرف اللغة ومفرداتها ، فضلاً عمن ينتسب إلى العلم أن يفسر ذلك بغلبة رسالته ، وتعاليمه التي تأمر بالرحمة والمحبة والسلم ، وتدعو إلى الأخذ بمقاصد الشريعة دون ظواهرها ، وهل يعقل أن يكون الذي يدفن ويصلي عليه المسلمون هي تعاليمه ورسالته .
هل هذا إلا من العبث والتلاعب والاستخفاف بالعقول الذي ينبغي أن ينزه عنه كلام العقلاء من البشر ، فضلاً عن كلام من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
يقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على المسند : " وقد لعب المجددون ، أو المجردون في عصرنا الذي نحيا فيه بهذه الأحاديث الدالة صراحة على نزول عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان ، قبل انقضاء الحياة الدنيا ، بالتأويل المنطوي على الإنكار تارة ، وبالإنكار الصريح أخرى ، ذلك أنهم في حقيقة أمرهم لا يؤمنون بالغيب أو لا يكادون يؤمنون ، وهي أحاديث متواترة المعنى في مجموعها ، يعلم مضمون ما فيها من الدين بالضرورة ، فلا يجديهم الإنكار ولا التأويل " .
من عقائد المسلمين
وإذا كانت نصوص الكتاب والسنة قد دلت على رفعه إلى السماء ، وأنه حي بروحه وجسده ، وأنه سينزل في آخر الزمان ، وانعقد الإجماع على ذلك ، فإنه يجب على كل مسلم أن يؤمن بما دلت عليه تلك النصوص ، وأن يعقد قلبه عليها ، لأن هذه المسألة من مسائل الإيمان بالغيب ، وإلا لما كان لذكرها أي فائدة ، ومن أجل ذلك ذكر أهل العلم نزول عيسى عليه السلام ، وقتله الدجال ، في عقيدة أهل السنة والجماعة .
قال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر بعد أن ذكر بعض العلامات : " وسائر علامات يوم القيامة على ما وردت به الأخبار الصحيحة حق كائن " .
قال الإمام أحمد رحمه الله : " أصول السنة عندنا : التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والاقتداء بهم وترك البدع ، وكل بدعة فهي ضلالة " ثم ذكر جملة من عقيدة أهل السنة ، فقال : " والإيمان أن المسيح الدجال خارج مكتوب بين عينيه (كافر) ، والأحاديث التي جاءت فيه والإيمان بأن ذلك كائن ، وأن عيسى ابن مريم عليه السلام ينزل فيقتله بباب لد " طبقات الحنابلة للقاضي أبي يعلى ( 1/241- 243) .
وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله في سرده لعقيدة أهل الحديث والسنة : " جملة ما عليه أهل الحديث وأهل السنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله ، وما رواه الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لا يردون من ذلك شيئاً . . . . . . إلى أن قال : ويصدقون بخروج الدجال ، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام يقتله " ، ثم قال في آخر كلامه : " وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول ، وإليه نذهب " ، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ( 1/345- 348) .
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي في " لمعة الاعتقاد " : " يجب الإيمان بكل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وصح به النقل عنه فيما شهدناه أو غاب عنا ، نعلم أنه حق وصدق ، سواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ، ولم نطلع على حقيقة معناه . . . . . ثم قال : " ومن ذلك أشراط الساعة مثل خروج الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام فيقتله ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها ، وأشباه ذلك مما صح به النقل " أهـ .
وقال الطحاوي في عقيدته المشهورة : " ونؤمن بأشراط الساعة من خروج الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام من السماء " ( شرح العقيدة الطحاوية 564) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " والمسيح - صلى الله عليه - وعلى سائر النبين لا بد أن ينزل إلى الأرض . . . . . . كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة ، ولهذا كان في السماء الثانية ، مع أنه أفضل من يوسف و إدريس و هارون ، لأنه يريد النزول إلى الأرض قبل يوم القيامة بخلاف غيره ، وآدم كان فى سماء الدنيا ، لأن نسم بنيه تعرض عليه " . ( مجموع الفتاوى ( 4/329) .
وقال القرطبي في التذكرة : " الإيمان بوجود الدجال وخروجه حق ، وهذا هو مذهب أهل السنة وعامة أهل الفقه والحديث " .
ونقل النووي عن القاضي عياض قوله : " ونزول عيسى وقتله الدجال حق وصحيح عند أهل السنة للأحاديث الصحيحة في ذلك ، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله فوجب إثباته " .
فالواجب على كل مسلم ، كمال التسليم للرسول - صلى الله عليه وسلم - والانقياد لأمره ، وتلقي خبره بالقبول والتصديق ، دون معارضته بعقل أو رأي ، وأن يوحِّد الرسول بالتحكيم والتسليم ، والانقياد والإذعان ، كما يوحد المرسِل بالعبادة والخضوع ، والذل والإنابة والتوكل ، وهذا هو مقتضى شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
______________
المراجع :
- موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية الأمين الصادق الأمين .
- دفاع عن السنة د.محمد أبو شهبة .
- الأنوار الكاشفة المعلمي .
- أشراط الساعة يوسف بن عبد الله الوابل .
- شبهات حول حديث الجساسة الدكتور سعد المرصفي .
الإثنين ديسمبر 01, 2014 6:10 am من طرف عبدالقـــادر
» ارخص اسعار الحج السياحى طيران من مصر مع سلطانة تورز 2014
السبت يونيو 07, 2014 3:59 am من طرف احمد تركى
» فك السحر فك العمل فك المس علاج المس فلاج قراني للسحر
الخميس ديسمبر 26, 2013 11:00 am من طرف انا فيروز
» بشـــــــــــــــــــرى لكـــــــل ربــه منزل وسيده اخيــــــــرا
الإثنين ديسمبر 02, 2013 12:47 pm من طرف انا فيروز
» الهي ادعوك وارجوك فما من اله غيرك يدعى فيرجى فيجيب الا انت يا الله
الأحد أكتوبر 21, 2012 1:05 am من طرف amho2005
» عيد الاضحىالمبارك اعاده الله علينا وعليكموعلى كل من قال لااله الا الله محمد رسول الله بكل الخير والسلام
السبت أكتوبر 13, 2012 8:08 am من طرف سلطان العاشقين
» يسرنا نحن مكتب أبراج مكة للعمرة والزيارة أن نقدم خدماتنا لزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة وأداء مناسك العمرة . وخدماتنا متمثلة في :
الخميس يونيو 28, 2012 2:50 am من طرف سلطان العاشقين
» عجبت لابن ادم كيف لايسال مولاه في كل حال فيما يريد 00 ويسال الخلق الحلول
الثلاثاء يونيو 26, 2012 11:49 am من طرف سلطان العاشقين
» الحب الحب لله والحب بالله 0 والحب لكل ماخلق الله 0 الحب طريق الايمان
الأربعاء مايو 30, 2012 1:47 am من طرف سلطان العاشقين