من طرف عبدالله محمد الأحد أكتوبر 19, 2008 1:14 pm
(28) في الحديث دلالة على وجوب إخلاص العمل ، وأن نبتغي به وجه الله تعالى ، ويؤخذ من بيانه لمعنى الإحسان :" أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ".
(29) وفي قوله :" أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ " بيان للزوم مراعاة آداب العبودية لله تعالى . قال النووي : معناه أنك إنما تراعى الآداب المذكورة إذا كنت تراه ويراك , لكونه يراك لا لكونك تراه فهو دائما يراك , فأحسن عبادته وإن لم تره , فتقدير الحديث : فإن لم تكن تراه فاستمر على إحسان العبادة فإنه يراك . قال : وهذا القدر من الحديث أصل عظيم من أصول الدين , وقاعدة مهمة من قواعد المسلمين , وهو عمدة الصديقين وبغية السالكين وكنـز العارفين ودأب الصالحين , وهو من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم , وقد ندب أهل التحقيق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من التلبس بشيء من النقائص احتراما لهم واستحياء منهم , فكيف بمن لا يزال الله مطلعا عليه في سره وعلانيته ؟
(30) قال الحافظ ابن حجر (31): ودل سياق الحديث على أن رؤية الله في الدنيا بالأبصار غير واقعة , وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فذاك لدليل آخر , وقد صرح مسلم في روايته من حديث أبي أمامة بقوله صلى الله عليه وسلم :" واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا".
قلت : هكذا وقع عنده عن أبي أمامة ، وما في كتاب مسلم (2931) إنما هو عن عمر بن ثابت الأنصاري عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا ، ولفظه :" قال تَعلَّموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت " وإنما هو من حديث أبي أمامة عند ابن خزيمة في صحيحه ، وابن ماجه في سننه : في الفتن برقم (4077) ،ورواه من حديث عمر بن ثابت الترمذي في الفتن (2235)، وأحمد في المسند برقم (23160). ورواه أحمد في المسند برقم (22258) وأبو داود في الفتن باب خروج الدجال برقم (4320) ، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
ولقد تتبعت مرويات أبي أمامة في صحيح الإمام مسلم فوجدتها ستة أحاديث وليس فيها هذا الذي ذكره الإمام الحافظ .
ولعل الحافظ ثبت عنده أن هذا المبهم هو أبو أمامة .
وغالب ظنّي أن ما ذَكره هو في إحدى نسخ الصحيح التي يرويها الحافظ بإسناده إلى الإمام مسلم . وإنما أرجح هذا ؛ لأن الحافظ عزى الحديث إلى صحيح مسلم مرارا ، فقد قال عند شرح الحديث رقم (4855) :" ووقع في صحيح مسلم ما يؤيد هذه التفرقة في حديث مرفوع ، فيه :[ واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ] وأخرجه ابن خزيمة أيضا من حديث أبي أمامة ومن حديث عبادة بن الصامت ".
وقال عند شرح الحديث رقم (6507) :" وقد ورد بأصرح من هذا في صحيح مسلم من حديث أبي أمامة ـ مرفوعا ، في حديث طويل ـ وفيه :[ واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ] .
وقال عند شرح الحديث رقم (6574) :" وقد أخرج مسلم من حديث أبي أمامة ، فذكره .
وقال عند شرح الحديث رقم (7068) :" وقد ثبت في صحيح مسلم في حديث آخر [ واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ] .
فليس هذا من قبيل الوهم .
(31) وفي الحديث وجوب مراقبة الله تعالى .
قال تعالى { واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه }(33).
وقال جل ثناؤه : { إن الله كان عليكم رقيبا }(34) .
وقال تقدست أسماؤه { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْءَانٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }(35) .
(32) في قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الساعة : مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ " خفاء وقت الساعة عن جميع الخلق ، فعلمها عند الله ، وهي من جملة ما استأثر الله بعلمه ، ومفاتح الغيب خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا اللَّهُ تعالى ، قال تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }(36) .
وجاء عن ابن مسعود قال : أوتي نبيكم صلى الله عليه وسلم علم كل شيء سوى هذه الخمس (37) . وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس {إن الله عنده علم الساعة ، وينـزل الغيث ، ويعلم ما في الأرحام ، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ، وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير }(38).
وليس خفاؤها بنقص في علم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد أوتى نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم الأولين وعلم الآخرين . وإذا كان آدم عليه السلام قد عُلم أسماء جميع الأشياء كما في قوله تعالى { وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة ...} (39) فإن سيدَنا محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد علمه الله مُسَمَّيَاتِها . وصدق البوصيري عندما قال :
وكلهم من رسول الله ملتمس غرفا من البحر أو رشفا من الدِّيَمِ (39أ)
(33) في قوله " مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ " دليل على جواز التعريض في الكلام ؛ فقد عدل عن قوله لست بأعلم بها منك إلى لفظ يشعر بالتعميم تعريضا للسامعين , أي أن كل مسئول وكل سائل فهو كذلك (31).
(34) وفيه مُستند لمن قال ( إن أقل الجمع اثنان )(39ب) فإنه لما قَالَ له جبريل عليه السلام : مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ :" مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا " وذكر له أمارتين ، وهما :" إِذَا وَلَدَتْ الأَمَةُ رَبَّهَا ، وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإِبِلِ الْبُهْمُ فِي الْبُنْيَانِ ".
والصحيح أنّ المذكور من الأشراط ثلاثة . قال الحافظ ابن حجر :" وإنما بعض الرواة اقتصر على اثنين منها لأنه هنا ذكر الولادة والتطاول , وفي التفسير ذكر الولادة وترؤس الحفاة , وفي رواية محمد بن بشر التي أخرج مسلم إسنادها وساق ابن خزيمة لفظها عن أبي حيان ذكر الثلاثة , وكذا في مستخرج الإسماعيلي من طريق ابن علية , وكذا ذكرها عمارة بن القعقاع , ووقع مثل ذلك في حديث عمر , ففي رواية كهمس ذكر الولادة والتطاول فقط ووافقه عثمان بن غياث , وفي رواية سليمان التيمي ذكر الثلاثة ووافقه عطاء الخراساني , وكذا ذكرت في حديث ابن عباس وأبي عامر " (31).
(35) فيه دلالة على فساد الزمن بين يدي الساعة ، حيث تضعف الأخلاق، ويكثر عقوق الأولاد ومخالفتهم لآبائهم فيعاملونهم معاملة السيد لعبيده.
وتنعكس الأمور وتختلط ، حتى يصبح أسافل الناس ملوك الأمة ورؤساءها، وتسند الأمور لغير أهلها، ويكثر المال في أيدي الناس، ويكثر البذخ والسَّرف، ويتباهى الناس بعلو البنيان، وكثرة المتاع والأثاث، ويُتعالى على الخلق ويملك أمرهم من كانوا في فقر وبؤس، يعيشون على إحسان الغير من البدو والرعاة وأشباههم.
وفي معنى قوله : ( إذا ولدت الأمة ربها ) أقوال ، منها :
ما قاله الإمام الخطابي : معناه اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرك وسبي ذراريهم , فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها لأنه ولد سيدها .
قال النووي وغيره : إنه قول الأكثرين .
قال الحافظ في الفتح (31): لكن في كونه المراد نظر ؛ لأن استيلاد الإماء كان موجودا حين المقالة , والاستيلاء على بلاد الشرك وسبي ذراريهم واتخاذهم سراري وقع أكثره في صدر الإسلام , وسياق الكلام يقتضي الإشارة إلى وقوع ما لم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة .
ومنها : أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام . فأطلق عليه ربها مجازا لذلك . أو المراد بالرب المربي فيكون حقيقة .
قال الحافظ ابن حجر : وهذا أوجه الأوجه عندي لعمومه , ولأن المقام يدل على أن المراد حالة تكون مع كونها تدل على فساد الأحوال مستغربة . ومحصله الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور بحيث يصير المربي مربيا والسافل عاليا , وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى أن تصير الحفاة ملوك الأرض ، وفي رواية " رؤوس الناس ".
قال : ووصف الرعاة بالبهم لأنهم مجهولو الأنساب , ومنه أبهم الأمر فهو مبهم إذا لم تعرف حقيقته .
قلت : وهذا ملاحظ في ولاة أمور الأمّة ورعاتها ، ومن يسوس أمرها ؛ فإن فيهم من هو مجهول النسب ، أو من يزعم الشرافة فيه . ويؤيد ذلك قوله في رواية الإمام أحمد في المسند (40)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (41) " قال : يا رسول الله ومن أصحاب الشاء والحفاة الجياع العالة ؟ قال : "العرب".
وفي حديث [ أبي مالك ، أو أبي عامر ] قال : ومن أولئك يا رسول الله ؟ قال :" العَريبُ ".
(36) في قوله " أن تلد الأمة ربتها " وفي لفظ " ربّها " جواز إطلاق الرب على السيد المالك ، أو المربي (31).
(37-38) وفيه بيان قدرة الملك على التمثل بالصورة البشرية ، وفيه أيضا جواز رؤية الملك أو سماع كلامه . قال الحافظ ابن حجر :" وفيه أن الملك يجوز أن يتمثل لغير النبي صلى الله عليه وسلم فيراه ويتكلم بحضرته وهو يسمع , وقد ثبت عن عمران بن حصين أنه كان يسمع كلام الملائكة ". قال البيهقي : وروينا عن جماعة من الصحابة أن كل واحد رأى جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلبي (42).
وأخرج أحمد ، والبخاري تعليقا ، ومسلم ، والنسائي ، وأبو نعيم ، والبيهقي عن أسيد بن حضير أنه رأى شيئا كهيئة الظلة فيه مثل المصابيح مقبل من السماء . قال له النبي صلى الله عليه وسلم :" تلك الملائكة دنت لصوتك " .
وأخرج الحاكم مثله (43) وزاد :" إنك لو مضيت لرأيت العجائب ".
وأخرج البخاري في الصحيح (44) حديث بناء البيت الحرام ... وفيه فلمّا أشرفت ـ هاجر ـ على المروة ، سمعت صوتا ، فقالت : صه ، تريد نفسها . ثم تسمعت ، فسمعت أيضا ، فقالت : قد أسمعت ، إن كان عندك غواث فأغث . فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه ، أو قال .. بجناحيه ، حتى ظهر الماء ... وفيه قال لها الملك : لا تخافوا الضيعة ، فإن ههنا بيتا لله ، يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإنّ الله لا يضيع أهله .
قال الشيخ عبد الله صديق الغماري الحسني : وممّا يؤخذ من القصة أنّ الملك قد يظهر للشخص الصالح ويكلمه ، فقد ظهر جبريل عليه السلام لهاجر ، وكلّمها مبشرا لها بأنّ ابنها سيبني البيت مع أبيه وتلك كرامة أكرمها الله بها ، ولم يصب من قال : أنها كانت نبية (45) .
الإثنين ديسمبر 01, 2014 6:10 am من طرف عبدالقـــادر
» ارخص اسعار الحج السياحى طيران من مصر مع سلطانة تورز 2014
السبت يونيو 07, 2014 3:59 am من طرف احمد تركى
» فك السحر فك العمل فك المس علاج المس فلاج قراني للسحر
الخميس ديسمبر 26, 2013 11:00 am من طرف انا فيروز
» بشـــــــــــــــــــرى لكـــــــل ربــه منزل وسيده اخيــــــــرا
الإثنين ديسمبر 02, 2013 12:47 pm من طرف انا فيروز
» الهي ادعوك وارجوك فما من اله غيرك يدعى فيرجى فيجيب الا انت يا الله
الأحد أكتوبر 21, 2012 1:05 am من طرف amho2005
» عيد الاضحىالمبارك اعاده الله علينا وعليكموعلى كل من قال لااله الا الله محمد رسول الله بكل الخير والسلام
السبت أكتوبر 13, 2012 8:08 am من طرف سلطان العاشقين
» يسرنا نحن مكتب أبراج مكة للعمرة والزيارة أن نقدم خدماتنا لزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة وأداء مناسك العمرة . وخدماتنا متمثلة في :
الخميس يونيو 28, 2012 2:50 am من طرف سلطان العاشقين
» عجبت لابن ادم كيف لايسال مولاه في كل حال فيما يريد 00 ويسال الخلق الحلول
الثلاثاء يونيو 26, 2012 11:49 am من طرف سلطان العاشقين
» الحب الحب لله والحب بالله 0 والحب لكل ماخلق الله 0 الحب طريق الايمان
الأربعاء مايو 30, 2012 1:47 am من طرف سلطان العاشقين